نادي الدرَّاجات ركوب الدرَّاجة في طريق المساواة مقابلة مع إيناس مُزَّمِّل، مُؤسِّسَة مبادرة نادي النساء السودانيات للدرَّاجات


في ذكري الناشطة السودانية الشابة  ” اِيناس مُزمل” مؤسسة جمعية راكبات الدراجات السودانية  والحائزة علي جائزة القيادة النسوية عن إقليم الشرق الأوسط وشمال افريقيا و التي رحلت فجأءة مساء الاحد 4/2/2024

قد فقدنا يوم الأحد  وبشكل مؤلم ومفاجئي صديقة  لشبكة صيحة ( (SIHA ومجلة المرأة في الإسلام وشقيقة  زميلتنا ابتهال مزمل،   إيناس مزمل، القيادية المجتمعية ومؤسسة مبادرة راكبات  الدراجات السودانية. وتخليداً لذكراها الغالية ننشر هنا  مقابلة مع إيناس في  العدد الرابع لمجلة #womeninislam: [أدخل رابط المقال على الموقع] تتحدث فية عن تجربتها الرائدة وجهدها الكبير  ومثابرتها.

نحن نسأل الله أن يتقبلها في واسع رحمته ويسكنها فسيح جناته.ويلهم شقيقتها ابتهال و أهلها واخواتها وو الدتها واصدقائها وصديقاتها الصبر وحسن العزاء .

نادي الدرَّاجات

ركوب الدرَّاجة في طريق المساواة

مقابلة مع إيناس مُزَّمِّل، مُؤسِّسَة مبادرة نادي النساء السودانيات للدرَّاجات

أجرت المقابلة: المبادرة الاستراتيجية لنساء القرن الأفريقي (صيحة-SIHA)

على الرغم من أنَّ المرأة السودانية كانت سبَّاقة في قيادة السيارات منذ أواخر أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، إلّا أنَّ الأعراف الاجتماعية ما زالت تعوق النساء من ركوب الدرَّاجات. ومع صعود الإسلام السياسي في البلاد أصبحت النساء مُستَبعَدَات بشكل متزايد من الفضاء العام، وقد انعكس ذلك، في وجود ازدياد مستمر في قائمة السلوكيات (غير المحتشمة) أو (غير المقبولة أخلاقياً). ورغم كل ذلك تزداد كثافة وجود النساء في شوارع الخرطوم المزدحمة أسوة بالرجال، وفي الفترة الأخيرة بدأت أعداد قليلة من النساء في ركوب الدرَّاجات داخل مساحات محدودة من شوارع العاصمة.

إيناس مُزَّمِّل، شابة سودانية، تبلُغ من العمر 29 عاماً، درست في جامعة الخرطوم، وتعمل حالياً في برنامج الأمم المتحدة للبيئة، وهي مُؤسِّسَة مبادرة النساء السودانيات لركوب الدرَّاجات. تحدّثت إيناس مُزَّمِّل، في مقابلة مع (صيحة / SIHA)، عن أصول وتحدِّيات مبادرة راكبات الدرَّاجات النسائية.

كيف توصَّلتِ إلى فكرة إنشاء نادٍ للنساء لركوب الدرَّاجات؟بدأ كل هذا في عام 2013 عندما سافرتُ إلى هولندا لأغراض مهنية. وبمجرد أن وصلتُ هولندا وغادرتُ المطار، رأيتُ الكثير من الرجال والنساء والأطفال يركبون الدرَّاجات؛ ففي هولندا يُعتَبَرُ ركوب الدرَّاجات جزءاً من ثقافة البلد، وهناك ممرات خاصة للدراجات بجانب الطرق. ففى كل صباح، يتدفق المئات من البالغين والأطفال إلى العمل والمدارس على سروج  الدرَّاجات، بغض النظر عن الظروف الجوية. وخلال زيارتي الثانية لهولندا، بدأتُ في ركوب الدرَّاجات مثلي مثل مواطني البلد. وقبل ذلك اشتركتُ في دورة تدريبيه للنساء المهاجرات، لتعلُّم كيفية ركوب الدراجة. وعادةً ما يستغرق الأمر بضعة أشهر للنساء المتدرِّبات، لتعلُّم كيفية قيادة وركوب الدراجة، لكنني التقطتها بسرعة كبيرة، وذلك -ربما- لأنني اعتدتُ على ركوب الدرَّاجة أثناء طفولتي. وفي أثناء فترة وجودي في هولندا بدأتُ أُفكِّرُ في فُرَصِ ركوب الدرَّاجات في السودان. فالدراجة تُعتَبَرُ وسيلة نقل ممتازة في البيئات الحضرية المكتظة بالسكان مثل الخرطوم؛ فهي رخيصة، ولا تأخذ الكثير من المساحة، ولا تُلوّثُ البيئة، كما أنّها لا تُصدِرُ ضوضاء، بالإضافة إلى أنها وسيلة رائعة للنساء لتحسين صحتهن، كما أنها تُيَسِّرُ الانتقال لمسافات قصيرة.  ذكرتِ أنّكِ كنتِ تركبين الدرَّاجة عندما كنتِ طفلة؛ لماذا توقفتِ؟حينما كنتُ (بنتاً صغيرة) في السن، كانت لديَّ دراجة حمراء جميلة. وكُنتُ أُحِبُّها، بل وفخورة جداً بها. ولكن عندما بلغ عمري الـ(12) عاماً، أُخِذَت تلك الدرَّاجة مني وأُعطِيَت لـ(ابن عمّي)، وذلك لأنَّ ركوب الدرَّاجة كان يُعتَبَرُ غير مناسب لفتاة في تلك السن -سن المراهقة-. وقد غضبتُ كثيراً من تلك المُعاملة التمييزية، وشعرتُ أنها غير عادلة. وقد جعلني – ذلك التمييز- مُدرِكَةً بألم الاختلاف في المعاملة بين الأولاد والبنات في المجتمع السوداني. نعم، فقد أُعطِيَتْ دراجتي العزيزة لـ( ابن عمي) الذي لم يرعَهَا. وما زلتُ أتذكرُ تماماً أنه عندما زرناهم بعد بضعة أشهر، رأيتُ الدرَّاجة مُلقاة بالمنزل في حالة سيئة، فشعرتُ بالحزن. كيف تترجمت فكرتكِ لـ( مبادرة النساء السودانيات لركوب الدرَّاجات) لتصبح حقيقة؟ عندما عُدتُ إلى الخرطوم من رحلتي إلى هولندا، اشتريتُ دراجة هوائية. لقد كان الأمر صعباً؛ نظراً لأنَّ الدرَّاجات المُخَصَّصَة للـسيدات لا يمكن الوصول إليها بسهولة في السودان. وبمجرد شرائها، أخذتُ الدرَّاجة مع شقيقتي وبنت أختي الصغيرة إلى (الساحة الخضراء)، وهي أكبر حديقة في المدينة. ومن خلال عملي في هولندا لإذاعة هولندا العالمية، تعرَّفتُ على المُناصرة عبر الإنترنت. لذا أنشأتُ صفحة على ( الفيسبوك ) بعنوان (مبادرة النساء السودانيات لركوب الدرَّاجات) ونشرتُ بعض الصور لصديقاتى، وأنا على الدرَّاجة. وكانت ردود الأفعال، والتفاعل مع المبادرة فوق تصوراتنا وتوقُّعاتنا. ففي غضون أيام قليلة، تلقّت الصفحة أكثر من ألف إعجاب، ثُمّ سرعان ما وصلت إلى ثلاثة آلاف من (الإعجابات) بعد بضعة أسابيع. ومن خلال تلك الصفحة، بدأنا في تنظيم اجتماعات أسبوعية في الساحة الخضراء. وفي بعض الأحيان كانت تظهر أكثر من 150 امرأة في مكان تجمّعنا. وفي ذلك الوقت، كانت لدينا ثلاث دراجات فقط، وكان علينا أن (نتناوب) على تعليم بعضنا البعض كيفية حفظ التوازن فوق الدرَّاجة وكذلك كيفية قيادتها والدوران بها.  كانت ردود الفعل على مبادرتكم على الفيسبوك إيجابية. فكيف كانت ردود فعل وسائل الإعلام (الميديا) والجمهور العام؟ عموماً، وجدت مبادرتنا ترحيباً كبيراً من قبل الجمهور. ومنذ البداية تلقّينا الكثير من الاهتمام من وسائل الإعلام المحلية والدولية، بما في ذلك قنوات وفضائيات مثل: الجزيرة، والعربية، و(إم بي سي)، وهيئة الإذاعة البريطانية (البي بي سي). وقد نُشِرَتْ مقالات عديدة حولنا في الصحف السودانية، كما طُلِبَ مني المشاركة في بعض البرامج الحوارية في التلفزيون القومي عن النساء في الرياضة. وقد تلقينا الكثير من الدعم من الشخصيات العامة السودانية، والفنانين، ولاعبي كرة القدم، والناشطات … إلخ.لكن في الحدائق والشوارع العامة في الخرطوم حيث نمارس رياضة ركوب الدرَّاجات، تكون ردود الأفعال مختلطة. وغالباً ما يُفَاجَأ الناس برؤية السيدات والشابات على الدرَّاجات. وفي بعض الأحيان، تكون ردود الفعل سلبية، وقد تعرَّضنا للعديد من المضايقات والتحرُّشات اللفظية.هل يمكنك التحدُّث عن أشكال التحرُّش التي تواجهكن عادة؟تأتي معظم التعليقات السلبية من الرجال من المارَّة، ولكن بعض النساء أيضاً ينتقدننا. ونحن نعي تماماً أننا نفعل شيئاً جديداً يتعارض مع الأعراف المتعارف عليها، كما نعرف أنَّ التغيير يحتاج إلى وقت، إلا أنَّنا -ومن ناحية أخرى- متفائلون بإمكانية قبول المجتمع للنساء راكبات الدرَّاجات؛ ففي غضون بضعة أشهر، اعتاد الناس –بالفعل- على رؤية النساء يركبن الدرَّاجات في الساحة الخضراء في الخرطوم.ومن المهم الإشارة، إلى أننا -ومن ناحية أخرى-  نحصل على الكثير من التشجيع من الناس الذين يُقدِّمُون لنا كل أنواع المساعدة والدعم والمشورة. وبعض النساء يوقفن سياراتهن عندما يشاهدننا في الشارع ويسألن كيف يمكنهن الاتصال والانضمام إلى نادي نساء الدرَّاجات. ما هي أسباب نجاح  هذه المبادرة ؟يأتي جزء من النجاح من حقيقة أننا نُلبِّي احتياجاً حقيقياً للنساء الشابات من الطبقة المتوسطة في الخرطوم. حيث يُقَدِّمُ النادي للنساء فرصةً للالتقاء في الأماكن العامة وممارسة الرياضة وتعلُّم قيادة الدرَّاجة الممتع، وبينما لا يمكن التحكُّم في المضايقة اللفظية والتحرُّش، تشعُر النساء بأنهن محميات لأنهن يمارسن ركوب الدرَّاجات في مجموعة. ويتيح نادي الدرَّاجات للنساء التواجد في الفضاء العام ودون تكلفة تُذكَرُ، حيث أنَّ معظم الأنشطة الرياضية في الخرطوم تكون في الأماكن المغلقة، وعادة ما تكون مكلفة للغاية.كما أنَّ النساء اللواتي انضممن للمبادرة مُتَحَمِّسَات لتقديم نموذج إيجابي للمجتمع. فنحن لا نقوم فقط بممارسة ركوب الدرَّاجات، بل ننظم أيضاً فعاليات لنشر الوعي حول البيئة والنظافة والوعي بمخاطر التغيير المناخي وعدم جمع النفايات وأهمية المساحات الخضراء في المدن، وندعو الناس إلى تَحَمُّل مسؤولية الحدِّ من آثار التغيير المناخي، حتى نتمكن -جميعاً- من الاستمتاع بالمساحات العامة النظيفة والخضراء والآمنة. ففي فلسفتنا، يبدأ حل المشكلات البيئية بالتزام كل فرد بحماية بيئته المحيطة. وأعتقد أنَّ سِرَّ نجاحنا هو أننا نُشَجِّعُ حقوق المرأة، وحماية البيئة بطريقة بناءة، لا تتعارض مع الحساسيات الثقافية لمعظم السودانيين. ونحن لا نعارض الثقافة السودانية، إنّما نشعر أننا نُمَثِّلُهَا من خلال جنوحنا إلى البساطة ورعاية البيئة.ما هي خطة المبادرة  للمستقبل؟نحن جمعية مُستقِلَّة، ولكي نبقى على قيد الحياة، نعتمد على التبرُّعات من العضوات. ولكن الافتقار إلى التمويل الكافي يُحَجِّمُ -في الوقت الحالي- توسُّعنا. ومن خلال السفارة الهولندية، تبرَّعَت المنظمة الهولندية المعروفة باسم (أعط درَّاجة Give a Bike) بخمس دراجات جديدة تماماً دعماً لقضيتنا. ولكننا -مع ذلك- نحتاج إلى المزيد من الدرَّاجات، كما نحتاج لمبنًى لحفظ الدرَّاجات، وربما أيضاً نحتاج لعدد قليل من المهنيين/ات -غير المتفرغين/ات- الذين يتم توظيفهم/ن والتعاقد معهم/ن لتدريب أعضائنا ولتنظيم الأنشطة. وعموماً، وعلى الرغم من التحديات التى تواجهنا، نشعر بالتفاؤل، حيث يتزايد عدد النساء اللاتي ينضممن إلى النادي كل يوم!

لا تعليق

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *